التمسّك بالامتحانات الرسميّة التقليديّة جريمة بحقّ الطلبة والمجتمع

لِبَناتنا وأبنائنا الحق بتربية تفتح لهم آفاق الحياة المعاصرة الواسعة، ولا تقيّدهم بزواريب امتحانات مدرسيّة ورسميّة محدودة الصلاحيّة والآفاق. قليلة هي الأبحاث العلميّة التربويّة المتعلّقة بمصداقيّة الامتحانات الرسميّة وصلاحيتها (صحّتها، أمانتها، فعاليّتها…)، وتأثيرها على الطلبة (والتلامذة من مختلف الأعمار) والمعلّمين وغيرهم من المعنيّين بالشأن التربوي، وعلى الوطن بقطاعاته المختلفة. إلّا أن ما يُعرَف عن هذه الامتحانات وما تثبته الأبحاث المتعلّقة بامتحانات مشابهة في العالم تدلّ على الشوائب التي تعتري الامتحانات الرسميّة السائدة وانعكاساتها السلبيّة على مختلف المستويات.

تهدف‭ ‬هذه‭ ‬المقالة‭ ‬إلى‭ ‬تبيان‭ ‬ما‭ ‬تؤول‭ ‬إليه‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬التي‭ ‬تُمنح‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬الشهادات‭ ‬الوطنيّة‭ ‬للتعليم‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬انعكاسات‭ ‬سلبيّة‭ ‬على‭ ‬الطلبة‭ ‬والمعلّمين‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬المعنيّين‭. ‬هذه‭ ‬الانعكاسات‭ ‬خطيرة‭ ‬لدرجة‭ ‬أنها‭ ‬تطغى‭ ‬على‭ ‬كلّ‭ ‬الأسباب‭ ‬الموجبة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تُقدّم‭ ‬للامتحانات‭ ‬المذكورة‭ ‬والفضائل‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يُزعم‭ ‬أنّها‭ ‬تتحلّى‭ ‬بها،‭ ‬بما‭ ‬يستوجب‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬بها‭ ‬وبالشهادات‭ ‬التي‭ ‬تُمنح‭ ‬على‭ ‬أساسها‭. ‬

لن‭ ‬أتناول‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المقالة‭ ‬أمور‭ ‬بنيويّة‭ ‬وتقنيّة‭ ‬تتعلّق‭ ‬مثلاً‭ ‬بصحّة‭ ‬محتوى‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬والدقّة‭ ‬والأمانة‭ ‬في‭ ‬تصحيحها،‭ ‬إنما‭ ‬أستعرض‭ ‬بشكل‭ ‬ملخّص‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الانعكاسات‭ ‬السلبيّة‭ ‬التي‭ ‬تخلّفها‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭. ‬وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬قائمة‭ ‬الانعكاسات‭ ‬المستعرضة‭ ‬هي‭ ‬غير‭ ‬شاملة‭ ‬وغير‭ ‬حصريّة‭. ‬وهي‭ ‬مبنيّة‭ ‬على‭ ‬مشاهدات‭ ‬خاصّة،‭ ‬ومقالات‭ ‬علميّة‭ ‬تربويّة‭ ‬ذات‭ ‬صلة،‭ ‬ونتائج‭ ‬أبحاث‭ ‬وأعمال‭ ‬شاركتُ‭ ‬فيها،‭ ‬أو‭ ‬اطلعتُ‭ ‬عليها،‭ ‬في‭ ‬عدّة‭ ‬دول‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاثين‭ ‬الماضية،‭ ‬تتعلّق‭ ‬بالامتحانات‭ ‬المذكورة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الامتحانات،‭ ‬وبتطوير‭ ‬المناهج‭ ‬التربويّة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭. 

1-‭ ‬الانصاف‭: ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تقيس‭ ‬امتحاناتنا‭ ‬الرسميّة‭ ‬المستوى‭ ‬الذي‭ ‬تبلغه‭ ‬كفايات‭ ‬طلبتنا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬مرحلة‭ ‬دراسيّة‭ ‬محدّدة‭ ‬بحيث‭ ‬يُحكَم‭ ‬عليهم‭ ‬إمّا‭ ‬بالترفيع‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬دراسيّة‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬أعلى،‭ ‬أو‭ ‬عدمه‭. ‬وتُستخدم‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬كفايات‮»‬‭ ‬هنا‭ ‬بمعنى‭ ‬واسع‭ ‬بحيث‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬يدركه‭ ‬طالب‭ ‬أو‭ ‬طالبة‭ ‬من‭ ‬معارف،‭ ‬ويمتلكه‭ ‬من‭ ‬مهارات‭ ‬عقليّة‭ ‬وجسديّة،‭ ‬ويتحلّى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬أمور‭ ‬وجدانيّة‭ ‬كالميول‭ ‬والقيم‭ ‬وغيرها،‭ ‬وما‭ ‬يستطيع‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬مادّة‭ ‬دراسيّة‭ ‬محدّدة‭ ‬أو‭ ‬تشمل‭ ‬مواد‭ ‬عدّة‭. ‬يؤدّي‭ ‬تقييم‭ ‬الكفايات‭ ‬بالاعتماد‭ ‬حصرًا‭ ‬على‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬السائدة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬انصاف‭ ‬الطلبة‭ ‬الذين‭ ‬يخضعون‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬لأسباب‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭:‬

‬أ-‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لامتحان‭ ‬واحد،‭ ‬ولا‭ ‬سيّما‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬خطّيًّا،‭ ‬أن‭ ‬يقيس‭ ‬أيّ‭ ‬كفاية،‭ ‬خصوصًا‭ ‬ما‭ ‬يتعلّق‭ ‬منها‭ ‬بالمهارات‭ ‬والأمور‭ ‬الوجدانيّة‭ (‬هذا‭ ‬إذا‭ ‬تطرّق‭ ‬أليها‭ ‬الامتحان‭). ‬ففي‭ ‬أفضل‭ ‬الأحوال،‭ ‬يمكن‭ ‬للامتحان‭ ‬الواحد‭ ‬أن‭ ‬يقيس‭ ‬نواتج‭ ‬تعلّم‭ ‬محدّدة‭ (‬وليس‭ ‬التعلّم‭ ‬وعاداته‭) ‬في‭ ‬أُطرٍ‭ ‬محصورة،‭ ‬وفي‭ ‬ظروف‭ ‬زمانيّة‭ ‬ومكانيّة‭ ‬محدّدة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الطلبة‭. ‬وغالبًا‭ ‬ما‭ ‬تقتصر‭ ‬نواتج‭ ‬التعلّم‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬على‭ ‬معارف‭ ‬ومهارات‭ ‬محدودة‭ ‬غير‭ ‬توليديّة‭. ‬وبالتالي،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المنصف‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬إصدار‭ ‬أيّ‭ ‬أحكام‭ ‬حول‭ ‬كفايات‭ ‬الطلبة‭ ‬إنطلاقًا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭.‬

ب-‭ ‬هناك‭ ‬عوامل‭ ‬عديدة،‭ ‬غير‭ ‬نواتج‭ ‬التعلّم‭ ‬التي‭ ‬يقيسها‭ ‬أيّ‭ ‬امتحان،‭ ‬تؤثّر‭ ‬بشكل‭ ‬مهم‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬الامتحان،‭ ‬ولا‭ ‬تُؤخذ‭ ‬عادة‭ ‬بالحسبان‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ (‬أو‭ ‬غيرها‭). ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬الوضع‭ ‬الصحّي‭ ‬والنفسي‭ ‬لكل‭ ‬طالبـ‭/‬ـة‭ ‬وقت‭ ‬الامتحان‭. ‬فإذا‭ ‬ما‭ ‬اعترضت‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬أيّ‭ ‬شائبة،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لذلك‭ ‬مفاعيل‭ ‬سيّئة‭ ‬على‭ ‬الأداء‭ ‬المذكور‭. ‬وبالتالي،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المنصف‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬تقرير‭ ‬مصير‭ ‬ترفّع‭ ‬الطلبة‭ ‬مع‭ ‬تجاهل‭ ‬عوامل‭ ‬متزامنة‭ ‬مؤثّرة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحدّد‭ ‬جودة‭ ‬الأداء‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭.     

2-‭ ‬العدالة‭: ‬لِما‭ ‬تطرّقنا‭ ‬إليه‭ ‬أعلاه‭ ‬حول‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬والأحكام‭ ‬المبنيّة‭ ‬عليها‭ ‬مفاعيل‭ ‬سلبيّة‭ ‬تتعلّق‭ ‬أيضاً‭ ‬بعدالة‭ ‬هذه‭ ‬الأحكام‭. ‬

‬أ-‭ ‬يقتضي‭ ‬قياس‭ ‬الكفايات‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬سجلٍّ‭ ‬مدرسيّ‭ ‬كامل‭ ‬لانجازات‭ ‬كل‭ ‬طالبـ‭/‬ـة،‭ ‬وهو‭ ‬سجل‭ ‬لا‭ ‬يتضمّن‭ ‬فقط‭ ‬صورًا‭ ‬ظرفيّة‭ ‬لأداء‭ ‬الطالبـ‭/‬ـة‭ ‬في‭ ‬امتحانات‭ ‬وأعمال‭ ‬محدّدة،‭ ‬بل‭ ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬تطوّر‭ ‬الكفايات‭ ‬المستهدفة‭ ‬في‭ ‬المنهج‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬جميع‭ ‬السنوات‭ ‬الدراسيّة‭. ‬وبالتالي‭ ‬فان‭ ‬العدالة،‭ ‬كما‭ ‬الانصاف،‭ ‬تقتضي‭ ‬عدم‭ ‬تجاهل‭ ‬هذا‭ ‬السجل‭ ‬وعدم‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬سلبًا‭ ‬أو‭ ‬ايجابًا‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬والترفيع،‭ ‬وبالتالي‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬منح‭ ‬الشهادة‭ ‬الوطنيّة‭ ‬أو‭ ‬عدمه‭.  

ب-‭ ‬إنّ‭ ‬تجاهل‭ ‬هذا‭ ‬السجل،‭ ‬خصوصًا‭ ‬إزاء‭ ‬الطلبة‭ ‬الذين‭ ‬يرسبون‭ ‬في‭ ‬امتحان‭ ‬رسميّ‭ ‬بعد‭ ‬نجاحهم‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬المدرسيّة،‭ ‬وترفّعهم‭ ‬من‭ ‬صفّ‭ ‬إلى‭ ‬صفٍّ‭ ‬أعلى،‭ ‬يعني‭ ‬ضمنًا‭ ‬الحكم‭ ‬بأنّ‭ ‬الامتحانات‭ ‬المدرسيّة‭ ‬هي‭ ‬غير‭ ‬صالحة،‭ ‬وأنّه‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬ألّا‭ ‬يصل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الطلبة‭ ‬أصلاً‭ ‬إلى‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭. ‬فهل‭ ‬يُعقل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هكذا‭ ‬حكم‭ ‬عادلاً‭ ‬بحق‭ ‬الطلبة‭ ‬ومعلّميهم‭ ‬وأولياء‭ ‬أمورهم‭ ‬وكلّ‭ ‬من‭ ‬سهر‭ ‬على‭ ‬رعايتهم‭ ‬طوال‭ ‬السنوات؟‭ 

3-‭ ‬المساواة‭: ‬تُصمّم‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬بنموذج‭ ‬واحد،‭ ‬ومن‭ ‬قبل‭ ‬مجموعة‭ ‬محدّدة‭ ‬ممّن‭ ‬يُفترض‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الاختصاص‭ ‬والخبرة‭. ‬وهذا‭ ‬يخّل‭ ‬بالمساوات‭ ‬على‭ ‬عدّة‭ ‬صعد‭ ‬نذكر‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

‬أ-‭ ‬تختلف‭ ‬اهتمامات‭ ‬الطلبة‭ ‬ضمن‭ ‬المواد‭ ‬الدراسيّة‭ ‬الواحدة‭ ‬وفي‭ ‬ما‭ ‬بينها‭. ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬لبعض‭ ‬الطلبة‭ ‬احتياجات‭ ‬خاصّة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬تؤمّنها‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭. ‬هذان‭ ‬الأمران‭ ‬يرتدّان‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬الطلبة‭ ‬الذين‭ ‬يقل‭ ‬اهتمامهم‭ ‬عن‭ ‬غيرهم‭ ‬بأمر‭ ‬ما،‭ ‬وعلى‭ ‬الطلبة‭ ‬أصحاب‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصّة‭ ‬غير‭ ‬المؤمّنة،‭ ‬ويخلق‭ ‬بالتالي‭ ‬هوّة‭ ‬في‭ ‬الأداء‭ ‬غير‭ ‬مبرّرة‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬الطلبة‭ ‬وزملائهم‭. ‬

ب-‭ ‬تبرز‭ ‬هكذا‭ ‬هوّة‭ ‬أيضًا‭ ‬بين‭ ‬الطلبة‭ ‬المنقسمين‭ ‬بحسب‭ ‬أوضاعهم‭ ‬الاجتماعيّة‭ ‬والمعيشيّة،‭ ‬ولا‭ ‬سيّما‭ ‬بين‭ ‬الطلبة‭ ‬الذين‭ ‬تؤدّي‭ ‬أوضاعهم‭ ‬إلى‭ ‬تفاوت‭ ‬في‭ ‬‮«‬جودة‮»‬‭ ‬التعليم‭ ‬الذين‭ ‬يحصلون‭ ‬عليه‭ ‬داخل‭ ‬المدرسة‭ ‬وخارجها‭.‬

ج-‭ ‬ليس‭ ‬للسلطات‭ ‬التربويّة‭ ‬المحليّة‭ ‬كلمة‭ ‬وازنة‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬الوطنيّة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فقلّما‭ ‬تُؤخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬احتياجات‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحليّة‭ ‬وتطلّعاتها‭.‬

4-‭ ‬الشهادة‭: ‬بالاستناد‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تقدّم،‭ ‬فإنّ‭ ‬الشهادات‭ ‬الوطنيّة‭ ‬التي‭ ‬ترتكز‭ ‬حصرًا‭ ‬على‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬تفتقد‭ ‬إلى‭ ‬المصداقيّة‭ ‬في‭ ‬اثبات‭ ‬كفايات‭ ‬الطلبة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬اعتماد‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬وحدها‭ ‬لتقرير‭ ‬الترفّع‭ ‬أو‭ ‬عدمه‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬دراسيّة‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬أعلى‭. ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬الأحوال،‭ ‬وشرط‭ ‬تأمين‭ ‬صحّة‭ ‬محتوى‭ ‬الامتحانات‭ ‬ومصداقيّتها‭ ‬وأمانتها،‭ ‬تصلح‭ ‬هذه‭ ‬الشهادات‭ ‬فقط‭ ‬لاثبات‭ ‬ما‭ ‬ينجزه‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬وضعيّة‭ ‬معيّنة‭ ‬تتعلّق‭ ‬بنواتج‭ ‬تعلّم‭ ‬معرفيّة‭ ‬محدّدة،‭ ‬وليس‭ ‬لاثبات‭ ‬ما‭ ‬يمكنهم‭ ‬انجازه‭ ‬في‭ ‬وضعيّات‭ ‬أخرى‭ ‬تتعلّق‭ ‬بهذه‭ ‬النواتج‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭. ‬

5-‭ ‬الثقة‭: ‬قد‭ ‬يشير‭ ‬التجاهل‭ ‬الكامل‭ ‬للسجلّ‭ ‬المدرسيّ‭ ‬في‭ ‬الشهادة‭ ‬الوطنيّة‭ ‬ضمنًا‭ ‬إلى‭ ‬انعدام‭ ‬ثقة‭ ‬السلطات‭ ‬التربويّة‭ ‬المركزيّة‭ ‬بقدرات‭ ‬المدارس‭ ‬والمعلّمين‭ ‬واستقامتهم،‭ ‬خصوصًا‭ ‬حيال‭ ‬التقييم‭ ‬المدرسيّ‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬فإن‭ ‬جوًّا‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الثقة‭ ‬يخيّم‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬النظام‭ ‬التربوي‭ ‬الواحد‭ ‬بما‭ ‬يهدّد،‭ ‬مع‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬العوامل،‭ ‬بتفكّك‭ ‬هكذا‭ ‬نظام‭ ‬تدريجيًّا‭. ‬

6-‭ ‬الجودة‭ ‬التربويّة‭: ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أنّ‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬تدفع‭ ‬باتجاه‭ ‬اعتماد‭ ‬معايير‭ ‬تربويّة‭ ‬عالية‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬جودة‭ ‬التربية‭ ‬ونواتجها‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬فان‭ ‬جميع‭ ‬المؤشرات‭ ‬تدلّ‭ ‬على‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬تدفع‭ ‬باتجاه‭ ‬تدني‭ ‬المعايير‭ ‬التربويّة،‭ ‬وإلى‭ ‬‮«‬تمييع‮»‬‭ ‬المناهج‭ ‬التربويّة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬إلى‭ ‬ضرب‭ ‬جودة‭ ‬التربية‭. ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬لهذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬فعلاً‭ ‬باتجاه‭ ‬رفع‭ ‬جودة‭ ‬التربية‭ ‬لو‭ ‬تأمّن‭ ‬لها‭ ‬شرطان‭ ‬غير‭ ‬متوفِّرَيْن‭ ‬حاليًّا‭. ‬الأوّل،‭ ‬يقتضي‭ ‬أن‭ ‬توضع‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬لتقيس‭ ‬على‭ ‬مراحل،‭ ‬وبمصداقيّة،‭ ‬مدى‭ ‬التعلّم‭ ‬المجدي‭ ‬لنواتج‭ ‬التعلّم‭ ‬المفصليّة‭ ‬في‭ ‬المناهج،‭ ‬وكيفيّة‭ ‬تطوّر‭ ‬هذه‭ ‬النواتج‭. ‬ويقتضي‭ ‬الثاني‭ ‬أن‭ ‬تتلازم‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬وغيرها‭ ‬آليّات‭ ‬للتغذية‭ ‬الراجعة‭ ‬تساعد‭ ‬جميع‭ ‬المعنيّين‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬لتطوير‭ ‬كفاياتهم،‭ ‬وترشدهم‭ ‬في‭ ‬سعيهم‭ ‬لتحقيق‭ ‬خياراتهم‭. ‬

7-‭ ‬التعلّم‭ ‬المجدي‭: ‬يتعلّق‭ ‬التعلّم‭ ‬المجدي‭ ‬بتطوير‭ ‬كفايات‭ ‬أصيلة‭ ‬تشمل،‭ ‬بالتلازم‭ ‬مع‭ ‬أمور‭ ‬وجدانيّة‭ ‬بنّاءة،‭ ‬معارف‭ ‬ومهارات‭ ‬توليديّة‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬جديدة‭ ‬غير‭ ‬مألوفة،‭ ‬ضمن‭ ‬الأطر‭ ‬التي‭ ‬تكوّنت‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬الكفايات‭ ‬وخارجها،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬اليوميّة‭. ‬لا‭ ‬تقيّم‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬السائدة‭ ‬هكذا‭ ‬أمور،‭ ‬ولا‭ ‬تحفّز‭ ‬الطلبة‭ ‬بالتالي‭ ‬على‭ ‬التعلّم‭ ‬المجدي‭. ‬بل‭ ‬هي،‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬ذكره،‭ ‬تحفّز‭ ‬على‭ ‬الحفظ‭ ‬دون‭ ‬فهم‭. ‬يصدف‭ ‬أنّ‭ ‬ابنتيّ‭ ‬التوأم‭ ‬هما‭ ‬في‭ ‬الصفّ‭ ‬الأساسي‭ ‬التاسع‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬وبالتالي‭ ‬عليهما‭ ‬الخضوع‭ ‬إلى‭ ‬امتحانات‭ ‬الشهادة‭ ‬الرسميّة‭ ‬المتوسّطة‭. ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬الدراسي،‭ ‬دخلت‭ ‬إحدى‭ ‬معلماتهنّ‭ ‬إلى‭ ‬غرفة‭ ‬الصفّ‭ ‬لتعلن‭ ‬بكلّ‭ ‬صدق،‭ ‬ونزاهة،‭ ‬وجرأة،‭ ‬‮«‬انتم‭ ‬هنا‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬لا‭ ‬لتتعلّموا‭ ‬أمورًا‭ ‬هامّة‭ ‬بشكلٍ‭ ‬مجدٍ،‭ ‬بل‭ ‬لتعملوا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يتطلبّه‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‮»‬‭!‬

8-‭ ‬التقييم‭ ‬المصداق‭: ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬الحالي‭ ‬للامتحانات‭ ‬الرسميّة،‭ ‬يتوجّه‭ ‬النظام‭ ‬التربوي‭ ‬كلّيًّا‭ ‬لاعداد‭ ‬الطلبة‭ ‬للنجاح‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات،‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬التقييم‭ ‬الهدف‭ ‬الأساسي،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬الأوحد‭ ‬للعمليّة‭ ‬التربويّة‭. ‬للتقييم‭ ‬التربوي‭ ‬المصداق‭ ‬ثلاث‭ ‬وظائف‭ ‬تتكامل‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تأمين‭ ‬التعلّم‭ ‬المجدي‭. ‬تتعلّق‭ ‬الوظيفة‭ ‬الأولى‭ ‬بقياس‭ ‬مدى‭ ‬تحقيق‭ ‬الطلبة‭ ‬لنواتج‭ ‬تعلّم‭ ‬محدّدة،‭ ‬والوظيفة‭ ‬الثانية،‭ ‬بترشيد‭ ‬عمليّات‭ ‬التعلّم‭ ‬والتعليم،‭ ‬وبتقويم‭ ‬المناهج‭ ‬التربويّة‭ ‬بمختلف‭ ‬عناصرها‭ ‬بهدف‭ ‬تطويرها‭ ‬المستمرّ‭. ‬أمّا‭ ‬الوظيفة‭ ‬الثالثة‭ ‬والأهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬للتعلّم‭ ‬المجدي،‭ ‬فهي‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬التقييم‭ ‬وسيلة‭ ‬تعلّم،‭ ‬كغيرها‭ ‬من‭ ‬فعاليّات‭ ‬التعليم‭. ‬فقد‭ ‬أثبتت‭ ‬الأبحاث‭ ‬أن‭ ‬العقل‭ ‬البشري‭ ‬ينتج‭ ‬أمورًا‭ ‬جديدة‭ ‬خلال‭ ‬كلّ‭ ‬عمليّة‭ ‬تقييم،‭ ‬ولا‭ ‬يكتفي‭ ‬بتذكّر‭ ‬أمور‭ ‬تعلّمها‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬وحفظها‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭. ‬فالدماغ‭ ‬يتطوّر‭ ‬باستمرار‭ ‬خلال‭ ‬أيّ‭ ‬نشاط‭ ‬فكريّ‭ ‬أو‭ ‬جسديّ‭ ‬نقوم‭ ‬به‭. ‬والمؤسف‭ ‬أنّ‭ ‬الوظيفة‭ ‬الأولى‭ ‬تطغى‭ ‬على‭ ‬غيرها‭ ‬في‭ ‬المناهج‭ ‬التقليديّة،‭ ‬وأنّ‭ ‬هدفها‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬ترتيب‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬درجات،‭ ‬والحكم‭ ‬عليهم‭ ‬بـ»النجاح‮»‬‭ ‬أو‭ ‬الرسوب،‭ ‬فالترفّع‭ ‬أو‭ ‬عدمه‭.‬

9-‭ ‬النخبويّة‭: ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أنّ‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬تسمح‭ ‬بتصنيف‭ ‬الطلبة‭ ‬والمدارس‭. ‬وهم‭ ‬يعتبرون‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬نجاح‭ ‬الطلبة‭ ‬ومستوى‭ ‬أدائهم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬مؤشران‭ ‬لجودة‭ ‬التعلّم‭ ‬والتعليم‭. ‬حسب‭ ‬معرفتي،‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬بحث‭ ‬رصين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬يُثبت‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭. ‬على‭ ‬العكس،‭ ‬فان‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأبحاث‭ ‬العلميّة‭ ‬التربويّة‭ ‬تُثبت‭ ‬أنّ‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬هكذا‭ ‬امتحانات‭ ‬لا‭ ‬يتطلّب‭ ‬سوى‭ ‬قدرة‭ ‬الطلبة‭ ‬على‭ ‬تذكّر‭ ‬أمور‭ ‬حفظوها‭ ‬عن‭ ‬غيب‭. ‬والأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أنّ‭ ‬الطلبة‭ ‬الذين‭ ‬يتعلمون‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬بشكلٍ‭ ‬مجدٍ‭ ‬يأتي‭ ‬أداؤهم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الامتحانات‭ ‬التقليديّة‭ ‬أسوأ‭ ‬من‭ ‬أداء‭ ‬زملائهم‭ ‬الذين‭ ‬يحفظونها‭ ‬عن‭ ‬غيب‭. ‬وبذلك‭ ‬تؤدّي‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬الى‭ ‬نخبويّة‭ ‬معكوسة‭ ‬أو‭ ‬مقلوبة‭ ‬بحيث‭ ‬يُصطَفى‭ ‬بنتيجتها‭ ‬ويُكرَّم‭ ‬من‭ ‬يقتصر‭ ‬التعلّم‭ ‬عنده‭ ‬على‭ ‬الحفظ‭ ‬كالببغاء‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬يجدّ‭ ‬وراء‭ ‬التعلّم‭ ‬المجدي‭.          

10-‭ ‬الاعتداد‭ ‬بالنفس‭: ‬يفترض‭ ‬البعض‭ ‬أنّ‭ ‬الأداء‭ ‬المتدنّي‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬يدلّ‭ ‬على‭ ‬ضعف‭ ‬الكفايات،‭ ‬وقدرة‭ ‬متدنيّة‭ ‬على‭ ‬التعلّم،‭ ‬وأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كلّه،‭ ‬على‭ ‬ذكاءٍ‭ ‬متدنٍّ‭ ‬أو‭ ‬محدود‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬الطلبة‭ ‬المعنيّين‭ ‬للثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬بشكل‭ ‬قد‭ ‬يطبع‭ ‬سلبًا‭ ‬مسيرة‭ ‬حياتهم‭. ‬وينطبق‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬المعلّمين‭ ‬الشرفاء،‭ ‬أصحاب‭ ‬الضمير‭ ‬الحيّ،‭ ‬وعلى‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور،‭ ‬الذين‭ ‬ينتهي‭ ‬بهم‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬الاعتقاد‭ ‬الخاطئ‭ ‬بأنهم‭ ‬فاشلون‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬واجبهم‭. ‬ليس‭ ‬هنالك‭ ‬خطأ‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬اضفاء‭ ‬هكذا‭ ‬قيمة‭ ‬زائفة‭ ‬على‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة،‭ ‬وضرب‭ ‬أقسى‭ ‬للقيم‭ ‬والعدالة‭ ‬من‭ ‬جعل‭ ‬الناس‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬انعكاسات‭ ‬نفسيّة‭ ‬مؤذية‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحدّ‭. 

11-‭ ‬الهناء‭: ‬ليس‭ ‬هنالك‭ ‬من‭ ‬اثبات‭ ‬أن‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬تحفّز‭ ‬على‭ ‬التحصيل‭ ‬العلمي‭ ‬المميّز،‭ ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬ذكره،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬أنّها‭ ‬تشدّ‭ ‬اهتمام‭ ‬الطلبة‭ ‬إلى‭ ‬أمور‭ ‬يجدون‭ ‬فيها‭ ‬ما‭ ‬يُثري‭ ‬حياتهم‭ ‬ويهنيها‭. ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنّ‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬تضغط‭ ‬أحيانًا،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬غالبًا،‭ ‬على‭ ‬الطلبة‭ ‬للقيام‭ ‬مكرهين‭ ‬بأمور‭ ‬غير‭ ‬مقتنعين‭ ‬بجدواها،‭ ‬لا‭ ‬هم،‭ ‬ولا‭ ‬أولياء‭ ‬أمورهم،‭ ‬ولا‭ ‬معلّميهم‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬إرهاق‭ ‬الطلبة‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬يدفع‭ ‬بعضهم‭ ‬إلى‭ ‬كره‭ ‬المدرسة،‭ ‬وينمّي‭ ‬عند‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬رغبة‭ ‬دفينة‭ ‬بالتمرّد‭ ‬على‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬ومن‭ ‬تقوم‭ ‬عليه‭. ‬كما‭ ‬يؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬أجواء‭ ‬مشحونة‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬الصفّ‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬المنزل‭.‬

12-‭ ‬المهنيّة‭: ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة،‭ ‬يتحوّل‭ ‬المعلّمون‭ ‬مع‭ ‬مدارسهم‭ ‬إلى‭ ‬مجرّد‭ ‬آلات‭ ‬لانتاج‭ ‬الامتحانات،‭ ‬وتتحوّل‭ ‬رسالتهم‭ ‬الى‭ ‬مجرّد‭ ‬اعداد‭ ‬الطلبة‭ ‬لاستهلاك‭ ‬هذا‭ ‬المنتج‭. ‬تذكّروا‭ ‬ما‭ ‬أعلنته‭ ‬معلّمة‭ ‬ابنتَيّ‭ ‬مطلع‭ ‬هذا‭ ‬العام‭! ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬التعليم‭ ‬أخطر‭ ‬المهن‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬ديمومة‭ ‬الانعكاسات‭ ‬السلبيّة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تنجم‭ ‬عنها‭. ‬فهي‭ ‬المهنة‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬لتكوين‭ ‬عقل‭ ‬الطلبة‭. ‬فما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬أيّ‭ ‬معلّم‭ ‬في‭ ‬أيّ‭ ‬وقت‭ ‬قد‭ ‬يحدّد‭ ‬كفاية‭ ‬معيّنة‭ ‬لدى‭ ‬الطلبة‭ ‬ويطبع‭ ‬بها‭ ‬عقولهم‭ ‬وشخصيّتهم‭ ‬لمدى‭ ‬الحياة‭. ‬قد‭ ‬يتمكّن‭ ‬الأطباء‭ ‬من‭ ‬معالجة‭ ‬الاصابات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الحوادث‭ ‬والتشوّهات‭ ‬الجسديّة‭ ‬المختلفة‭. ‬لكنّه‭ ‬من‭ ‬الصعب،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬معالجة‭ ‬التشوهات‭ ‬أو‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬تتأصّل‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬الطويلة‭ ‬المدى،‭ ‬إذ‭ ‬ما‭ ‬ينطبع‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الذاكرة‭ ‬يبقى‭ ‬فيها‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭! 

13-‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقيّة‭: ‬يجد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلّمين‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬والمدرسيّة‭ ‬مورد‭ ‬رزق‭ ‬إضافي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدروس‭ ‬الخصوصيّة‭ ‬التي‭ ‬يعطونها،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المؤلفات‭ ‬التي‭ ‬يضعونها‭ ‬بهدف‭ ‬اعداد‭ ‬الطلبة‭ ‬للاجابة‭ ‬الصحيحة‭ ‬على‭ ‬أسئلة‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭. ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬أنّ‭ ‬بعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬المعلّمين‭ ‬يتعمّدون‭ ‬عدم‭ ‬القيام‭ ‬بواجبهم‭ ‬داخل‭ ‬غرفة‭ ‬الصفّ‭ ‬كي‭ ‬يحملوا‭ ‬طلبتهم‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬مساعدتهم‭ ‬المأجورة‭ ‬خارج‭ ‬المدرسة‭. ‬والأسوأ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يقول‭ ‬أنّ‭ ‬بعض‭ ‬إدارات‭ ‬المدارس‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بهذه‭ ‬الممارسات‭ ‬غير‭ ‬الأخلاقيّة،‭ ‬ويشجعون‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجاهلها‭ ‬أو‭ ‬حتّى‭ ‬الحثّ‭ ‬عليها‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭.  

14-‭ ‬قيمة‭ ‬المدرسة‭: ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تُصنَّف‭ ‬المدارس‭ ‬بحسب‭ ‬نسبة‭ ‬نجاح‭ ‬طلبتها‭ ‬في‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة،‭ ‬والدرجات‭ ‬التي‭ ‬يحصّلونها‭. ‬وقد‭ ‬عمدت‭ ‬بعض‭ ‬المدارس‭ ‬على‭ ‬تثبيت‭ ‬هذه‭ ‬المغلوطة‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬عامّة‭ ‬الناس،‭ ‬واستغلال‭ ‬نسبة‭ ‬النجاح‭ ‬المذكورة،‭ ‬خصوصًا‭ ‬إذا‭ ‬بلغت‭ ‬الـ100‭%‬،‭ ‬في‭ ‬الحملات‭ ‬الدعائيّة‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬والتي‭ ‬أصبحت‭ ‬تشمل‭ ‬اليافطات‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬والاعلانات‭ ‬على‭ ‬لوحات‭ ‬الطرق‭ ‬الالكترونيّة‭. ‬فهل‭ ‬أنّ‭ ‬نتائج‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬تأتي‭ ‬بمؤشرات‭ ‬مصداقة‭ ‬حول‭ ‬كفايات‭ ‬الطلبة؟‭ ‬وهل‭ ‬أنّ‭ ‬أداء‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬هو‭ ‬فعلًا‭ ‬مؤشّر‭ ‬لجودة‭ ‬التعليم‭ ‬في‭ ‬المدارس؟

15-‭ ‬الكلفة‭: ‬بعد‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬تقدّم،‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يبرّر‭ ‬التكلفة‭ ‬الماليّة‭ ‬للامتحانات‭ ‬الرسميّة،‭ ‬ولا‭ ‬الوقت‭ ‬ولا‭ ‬المجهود‭ ‬ولا‭ ‬أيّ‭ ‬أمر‭ ‬آخر‭ ‬تستثمره‭ ‬السلطات‭ ‬المشرفة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات،‭ ‬ولا‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬يستثمره‭ ‬الطلبة‭ ‬وأولياؤهم‭ ‬ومعلّموهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السبيل‭. ‬فمن‭ ‬الأفضل‭ ‬بكثير‭ ‬استثمار‭ ‬كلّ‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬والطاقات‭ ‬والجهود‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تطوير‭ ‬النظام‭ ‬التربوي‭ ‬–‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تطوير‭ ‬مفهوم‭ ‬المدرسة،‭ ‬ومفهوم‭ ‬التعلّم،‭ ‬ومفهوم‭ ‬التعليم،‭ ‬ومفهوم‭ ‬التقييم‭… ‬–‭ ‬وفي‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى‭ ‬لها‭ ‬مردود‭ ‬ايجابي‭ ‬وتنموي‭ ‬حقيقي‭ ‬على‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحليّة‭ ‬وعلى‭ ‬الوطن‭ ‬ككلّ‭.‬

‭ ‬تهدف‭ ‬التربية‭ ‬إلى‭ ‬اعداد‭ ‬الطلبة‭ ‬للتعلّم‭ ‬المجدي‭ ‬مدى‭ ‬الحياة،‭ ‬والنجاح،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬الامتياز،‭ ‬في‭ ‬الحياة‭. ‬ويشكّل‭ ‬التقييم‭ ‬التربوي‭ ‬وسيلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬وليس‭ ‬هدفًا‭ ‬بحدّ‭ ‬ذاته‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬الامتحانات‭ ‬التقليديّة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭. ‬فهذه‭ ‬الامتحانات‭ ‬تُسقط‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وُضعت‭ ‬لخدمته،‭ ‬وبالتالي‭ ‬تفقد‭ ‬مصداقيتها‭ ‬وأهميتها‭. ‬لا‭ ‬بل‭ ‬أنّه‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬الامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬السائدة‭ ‬انعكاسات‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬الطلبة‭ ‬والمجتمع‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬لم‭ ‬يَعُد‭ ‬من‭ ‬المسموح‭ ‬استمرار‭ ‬العمل‭ ‬بها‭ ‬لتقييم‭ ‬كفايات‭ ‬الطلبة،‭ ‬ولا‭ ‬لتقرير‭ ‬ترفيعهم‭ ‬أو‭ ‬عدمه‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬دراسيّة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭. ‬

إزاء‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬واضعي‭ ‬سياسات‭ ‬تربويّة‭ ‬وصانعي‭ ‬قرار‭ ‬يتحلّون‭ ‬بالرؤيا‭ ‬الثاقبة‭ ‬والشجاعة‭ ‬الكافية‭ ‬ليعيدوا‭ ‬النظر‭ ‬بكلّ‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬عليه‭ ‬الشهادات‭ ‬الوطنيّة‭ ‬وما‭ ‬وُجِدت‭ ‬من‭ ‬أجله،‭ ‬وليتصدّوا‭ ‬لأصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬الخاصّة‭ ‬والرؤى‭ ‬الضيّقة‭ ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬انفكّوا‭ ‬يروّجون‭ ‬للامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬التقليديّة‭ ‬لأسباب‭ ‬واهية‭ ‬أو‭ ‬زائفة‭. ‬

وإلى‭ ‬حين‭ ‬استحداث‭ ‬شهادات‭ ‬وطنيّة‭ ‬مصداقة،‭ ‬يبقى‭ ‬وقف‭ ‬العمل‭ ‬بالامتحانات‭ ‬الرسميّة‭ ‬التقليديّة‭ ‬أقلّ‭ ‬ضرر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الابقاء‭ ‬عليها‭ ‬كما‭ ‬هي‭. ‬والحقيقة‭ ‬الصارخة‭ ‬هي‭ ‬أنّ‭ ‬الابقاء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الامتحانات،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬شوائب‭ ‬بنيويّة‭ ‬وما‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬انعكاسات‭ ‬خطيرة،‭ ‬جريمة‭ ‬لا‭ ‬تُغتفَر‭ ‬بحقّ‭ ‬الطلبة‭ ‬والمجتمع‭. 

وحتّى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬وبعده،‭ ‬يمكن‭ ‬للسلطات‭ ‬المعنيّة‭ ‬أن‭ ‬تقتدي‭ ‬بالتقرير‭ ‬القيّم‭ ‬حول‭ ‬النظم‭ ‬المدرسيّة‭ ‬الأكثر‭ ‬نجاحًا‭ ‬وتطوّرًا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الصادر‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬عن‭ ‬مؤسّسة‭ ‬McKinsey‭ ‬البريطانيّة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭:‬

‮”‬How the world’s most improved school systems keep getting better‮”‬

يدعوا‭ ‬واضعو‭ ‬التقرير،‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬القواسم‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬وجدوها‭ ‬بين‭ ‬المدارس‭ ‬المميّزة،‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬صلاحيّات‭ ‬المدارس‭ ‬فتتحمّل‭ ‬مسؤوليّات‭ ‬أكثر،‭ ‬وتتحلّى‭ ‬بمرونة‭ ‬أكبر،‭ ‬في‭ ‬عمليّات‭ ‬التعلّم‭ ‬والتعليم،‭ ‬ولا‭ ‬سيّما‭ ‬في‭ ‬التقييم،‭ ‬وذلك‭ ‬ضمن‭ ‬نظمٍ‭ ‬تنيط‭ ‬الحقوق‭ ‬التربويّة‭-‬التعلّميّة‭ ‬بالادارات‭ ‬التربويّة‭ ‬المحليّة،‭ ‬وتُنشِئ‭ ‬آليّات‭ ‬مراقبة‭ ‬ومحاسبة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أنّ‭ ‬المعلّمين،‭ ‬كأصحاب‭ ‬مهنة،‭ ‬مسؤولون‭ ‬تجاه‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬الأداء‭ ‬الشخصي‭ ‬لكلّ‭ ‬منهم‭ ‬وعن‭ ‬أداء‭ ‬زملائهم‭. ‬كما‭ ‬يدعو‭ ‬واضعو‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تواكب‭ ‬أيّ‭ ‬مسيرة‭ ‬تطوير‭ ‬مجموعة‭ ‬تدابير‭ ‬أساسيّة‭ ‬هي‭: ‬التنمية‭ ‬المهنيّة‭ ‬المستمرّة‭ ‬للمعلّمين،‭ ‬وتطوير‭ ‬كفايات‭ ‬الادارة‭ ‬والقيادة‭ ‬لدى‭ ‬مديري‭ ‬المدارس،‭ ‬وتبنّي‭ ‬التقييم‭ ‬المصداق،‭ ‬ووضع‭ ‬آليّات‭ ‬أمينة‭ ‬لتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬والمعطيات‭ ‬الاحصائيّة،‭ ‬وتسهيل‭ ‬التطوير‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رعايته‭ ‬بالقوانين‭ ‬والأنظمة‭ ‬الملائمة،‭ ‬والمراجعة‭ ‬المستمرّة‭ ‬للمعايير‭ ‬والمناهج‭ ‬التربويّة،‭ ‬وتأمين‭ ‬نظام‭ ‬رواتب‭ ‬ومكافآت‭ ‬ماليّة‭ ‬يحفّز‭ ‬المعلّمين‭ ‬والمديرين‭ ‬على‭ ‬الامتياز‭ ‬والتطوّر‭ ‬المستمرّ‭ ‬في‭ ‬عملهم‭.        

‭ ‬


ابراهيم‭ ‬هلّون‭ ‬هو‭ ‬الرئيس‭ ‬المؤسّس‭ ‬لمجمع‭ ‬H‭ ‬العلمي‭ (‬H Institute‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬منظّمة‭ ‬غير‭ ‬حكوميّة‭ ‬لا‭ ‬تتوخّى‭ ‬الربح،‭ ‬تقوم‭ ‬بالأبحاث‭ ‬الميدانيّة‭ ‬وتضع‭ ‬البرامج‭ ‬والموارد‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬تجذير‭ ‬ثقافة‭ ‬الامتياز‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬قطاعات‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولا‭ ‬سيّما‭ ‬القطاعات‭ ‬التربويّة‭ ‬والثقافيّة‭. ‬حاز‭ ‬عام‭ ‬1984‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬في‭ ‬الفيزياء‭ ‬والتربية‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬ولاية‭ ‬أريزونا‭ ‬الأميركيّة،‭ ‬والتحق‭ ‬عندها‭ ‬بالجامعة‭ ‬اللبنانيّة‭ ‬حيث‭ ‬هو‭ ‬حاليًّا‭ ‬استاذ‭ ‬في‭ ‬ملاكها‭. ‬وقد‭ ‬عمل‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬في‭ ‬عدّة‭ ‬مؤسّسات‭ ‬محلّيّة‭ ‬وعالميّة‭ ‬منها‭ ‬الجامعة‭ ‬الأميركيّة‭ ‬في‭ ‬بيروت،‭ ‬وجامعة‭ ‬ولاية‭ ‬أريزونا،‭ ‬والمركز‭ ‬الرئيسي‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأونسكو‭ ‬في‭ ‬باريس‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬كرّس‭ ‬البروفسّور‭ ‬هلّون‭ ‬حياته‭ ‬المهنيّة‭ ‬لتطوير‭ ‬التربية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مجالاتها‭ ‬ومستوياتها،‭ ‬ولا‭ ‬سيّما‭ ‬ما‭ ‬يتعلّق‭ ‬منها‭ ‬بتعلّم‭ ‬العلوم‭ ‬في‭ ‬المرحلتين‭ ‬الثانويّة‭ ‬والجامعيّة‭. ‬وساهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬المناهج‭ ‬التربويّة‭ ‬في‭ ‬عدّة‭ ‬دول‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وبالارتكاز‭ ‬إلى‭ ‬أبحاثه‭ ‬الميدانيّة،‭ ‬وضع‭ ‬نظريّة‭ ‬النمذجة‭ (‬Modeling Theory‭) ‬في‭ ‬تعلّم‭ ‬العلوم‭ ‬التي‭ ‬تطوّرت‭ ‬مؤخرًا‭ ‬إلى‭ ‬النظاميّة‭ ‬في‭ ‬الادراك‭ ‬والتربية‭ (‬Systemic Cognition and Education‭) ‬التي‭ ‬تؤمّن‭ ‬إطارًا‭ ‬مرجعيًّا‭ ‬تربويًّا‭ ‬شاملًا‭ ‬يرتكز‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬توصّلت‭ ‬إليه‭ ‬الأبحاث‭ ‬العلميّة‭ ‬المتعلّقة‭ ‬بعمل‭ ‬الدماغ‭ ‬والعقل‭ ‬البشري،‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬تمكين‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المراحل‭ ‬الدراسيّة‭ ‬من‭ ‬تنمية‭ ‬ملمح‭ ‬يساعدهم‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬والامتياز‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬المعاصرة‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬وُصفت‭ ‬انجازاته‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مرجعيّات‭ ‬علميّة‭ ‬عالميّة‭ ‬بأنها‭ ‬أصيلة،‭ ‬وفريدة،‭ ‬ورائدة،‭ ‬ومؤسِّسة،‭ ‬وذات‭ ‬تأثير‭ ‬عميق،‭ ‬ومحدِّدة‭ ‬للمعايير‭ ‬العالميّة‭… 

للمزيد‭ ‬من‭ ‬التفاصيل،‭ ‬الرجاء‭ ‬زيارة‭ ‬الموقعين‭:‬

www.Halloun.net‭    &    ‬www.Hinstitute.org

Click here to download the full text.

2 comments on “التمسّك بالامتحانات الرسميّة التقليديّة جريمة بحقّ الطلبة والمجتمع”

  1. ALI El MOUSSAWI Reply

    شكرا للبروفسور ابراهيم ابوهلون , على هذه المقالة
    تحية طيبة , أما بعد ….

    نعرب عن إقتناعنا بفحوى هذه المقالة الهامة, خاصة أنها لامست حقائق واضحة حول ما تعتري هذه الإمتحانات من انعكاسات
    سلبية على سلوك ابنائنا الحالي والمستقبلي… و انطباعاتهم المشوهة تجاه العلم…
    ربما اصبح التقييم بالنسبة للطالب يشبه نظرة شريحة من السياسيين تجاه الموقع السياسي أو أي منصب عام ..
    (( المهم ” نهبش ” أصوات و تحالفات و مناصب و خدمات و مال و صفقات .. و الهروب للأمام و تمرير مرحلة
    ” بقرد و سعدان” و المرحلة التي تليها السلوك مشابه حتى اصبحت هذه السياسة النسق السلوكي لهذا السياسي على جميع الأصعدة ….))
    نعم التلميذ يريد ” هبش” العلمات و تمرير مرحلة ” بقرد و سعدان”… عبر الحفظ أو حتى الغش …من هنا يمكننا القول يبدأ النسق السلوكي السيء الذي يطبع ملامح شريحة واسعة من أهل السياسة في بلدنا العزيز..فرضية من الممكن أن تبرهن إحصائيا
    نعم لا تستطيع إمتحانات الشهادة الرسمية التقليدية أن تقيس سوى القليل من كفايات طلابنا , أيضا الظروف الزمانية غير مقبولة تربويا
    الزمان المنشود لإجراء الإمتحانات الرسمية و المحصور في أوائل فصل الصيف كمحاكاة ظالمة لحقل يزرع بحبوب القمح في فصل الخريف و يحصد في الصيف ,
    مع العلم أن الأولاد بعد ثمانية أشهر من المرحلة الدراسية الضاغطة بقساوة المقررات والأساليب التلقينية و الإختبارات المرعبة أحيانا كثيرة, تأهبا للإستحقاق الجلل (أو الرهاب الكبير أي الإمتحانات الرسمية ) , ربما يحتاجون من أجل استدامة النمو الجسدي و العقلي أن يتنعموا بالراحة المفعمة بجمال الطبيعة في هذه المرحلة الزمنية …
    علينا الإضاءة على أفكار تسهم بالحل المنشود :
    مثلا :بأن يتم تخفيف عبئ الظروف الزمانية عن كاهل الطالب , عبر إجراء إختبارات خلال العام الدراسي
    و بأوقات متفرقة على مرحلتين ( خلال عطلة الفصل الأول و من ثم خلال عطلة الفصل الثاني )و تستهدف قياس نمو أو تطور كفايات و مهارات ( توليدية ..) لا يمكن أن تقاس بشكل صريح عبر الإمتحانات الخطية للشهادة الرسمية التقليدية .
    و أن تحتسب العلامات خلال هاتين المرحلتين بنسبة 20% للمرحلة الأولى و 30% للمرحلة الثانية من مجمل العلامة لكل مقرر.

    و ان تقوم بإجراء هذه الإختبارات لجان مختصة و مؤهلة خصيصا لهذه المهمة ومن المفترض ان تكون على دراية موثوق بها بالجوانب التربوية أكثر مما يتطلب ان تدركه اللجان المختصة بالإمتحانات الخطية التقليدية.
    فهذه اللجان هي ميدانية ومن المفترض أن تحتك مباشرة مع واقع الطلاب و مجتمعهم و مدارسهم , فمن الممكن ان تتم عمليات القياس للمهارات و الكفايات ( و ربما تطور ملمح الطالب Profile ) في مدارسهم.
    فهذه اللجان يجب أن تتالف ممن يمتلكون ملمح رجال العلم و البحث واطباعهم و عاداتهم, لأنها مخولة أن تكون عرضة لما يعتري (مرض المحسوبيات) من بعض اللجان المكلفة النظر بمؤهلات المتقدمين لبعض الوظائف التي تتطلب المثول امام لجان مختصة .
    أقترح ان تكلف هذه اللجان بإشراف خبراء من رحم الكادر الموجود في كليات التربية اللبنانية التابعة للجامعة اللبنانية و الجامعات الخاصة , عبر صيغ إجرائية يتفق عليها أصحاب الشأن التربوي.
    و يستحسن أن يتم إشراك الطلاب من كليات التربية بمساعدة اللجان المكلفة عمليات القياس ميدانيا, لأسباب دراسية متعلقة بالكليات و أيضا لأهمية الحاجة لمساعدتهم بعملية التوثيق

  2. رحمة الصابري Reply

    جزيل الشكر للبروفسور ابراهيم هلون على هذه المقالة والتي تؤكد على افتقاد الشهادات الرسمية للمصداقية لعدم قدرتها على قياس كفايات الطلبة، وهذا بدوره يعد ظلما على الطالب ويؤثر سلبا على العملية التعليمية ككل بدءا من أساليب التدريس المتبعة مرورا بالمناهج انتهاء بأدوات التقويم المرافقة. وعلى ذلك يأتي السجل المدرسي حلا لهذه المشكلة، لكن هناك مجموعة من الأسئلة تطرح نفسها:
    1- قد تخلو الشهادات الوطنية من المحسوبية، فهل هناك أساليب تضمن مصداقية تفعيل السجل المدرسي في قياس كفايات الطلب؟
    2- إذا كانت الشهادات الوطنية تقيس نواتج التعلم المعرفية وفي بعض الأحيان قدرته على حل المشكلات، ومؤسسات التعليم العالي تعتمد على تلك الشهادات في قبول الطالب في البرامج الدراسية المختلفة، فهل السجل المدرسي وما به من تفاوت في كفايات الطلبة وتنوعها استيعاب هذه المخرجات كل حسب ميوله ورغباته؟
    3-قد يسهل استخدام السجل المدرسي في مرحلة التعليم الابتدائي والاعدادي، ولكن هل بالسهل تطبيقه في مراحل التعليم الثانوي والذي يركز على اختبار الطالب في الكم المعرفي وقدرته على المشكلات؟
    4- مع الدعوة نحو التخصصية في مرحلة التعليم الثانوي لاختيار البرنامج المناسب في مرحلة التعليم الجامعي، ألا يعد الجانب المعرفي من النقاط الجوهرية والتي تركز عليها الشهادات الرسمية؟
    5- هل يساعد في قياس كفايات التعلم(…ماذا بالنسبة لتنوع التعليم في المرحلة الثانوية(تقني، تجاري، زراعي أؤيد استخدام السجل المدرسي مع الأخذ بالاعتبار تلك النقاط

Leave A Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *